أول نـوفــمـبـر 1956
(الجزء الأول ... الغارات الجوية)
كم وددت أن أسرد اليكم كافة تفاصيل أحداث هذا اليوم ... لكن المكان لن يكفى ... سدى على حيرة كبيرة ، ... وسألت نفسى ... بماذا أبدأ ... ؟؟
هل أبدأ بتفاصيل "وجادول "الغارات الجوية على مصر وقواعدها .. لتكملة الكماشة والمصيدة التى أرادوها للأحاطة بقواتنا المدرعة التى عبرت القناة فى طريقها الى سيناء .. وقطع طريق إمداداتها وقواعدها الخلفية ... وقطع الطريق عليهم للرجوع .. وتحقيق سيطرة ثلاثة أسلحة جوية على سماء المعركة فى سيناء ... "المقاتلات النفاثة الفرنسية "سابر وسوبر ساير" التى كان يقودها الطيارون الفرنسيون علاوة على المقاتلات الأسرائيلية وقاذفات القنابل الثقيلة البريطانية " ...
هذا ليس إدعاء ... ولكن واقع أؤكده بسجلاتهم ووثائقه ... اصل فى تفاصيله الى كشف التفاصيل التالية "القاعدة الجوية ، رقم السرب ، رقم الطائرة ، قائدها ، الغارة ، وقتها ، هدفها ، النتيجة ، ... " أو ماذا ... ؟؟
ولكن المكان لن يكفى .. فتساءلت ، هل أبدأ بالمجال الداخلى ... وكيف تقبل عبدالناصر "الأنذار الأنجلوفرنسى" وكيفية رد الفعل ... إجتماعاته الفورية فى مركز قيادة القوات المسلحة ... من إشترك فى الأجتماع ، وموقف الصاغ صلاح سالم ، الذى طلب من جمال عبدالناصر وخضوع مصر وتقبل الأستسلام لبريطانيا وتسليم عبدالناصر نفسه للسفير البريطانى فى القاهرة ...
أو موقف "أللواء عبد الحكيم عامر ، الذى كان يفضل القتال الى آخر رجل رغم أن قواعد الطيران المصرية فى منطقة القنال وحول القاهرة قد تحطمت ... " أننى أتكلم عن نوفمبر 1956 وليس يونيو 1967" .. أو عن قرار عبد الناصر إعلان الحكم العسكرى .... أو ... أو ...
هل أبدأ بالمجال الخارجى ... موقف أمريكا والجنرال أيزنهاور ... أو موقف الأتحاد السوفييتى .. "الذى يتباهى بإنذاره .. الشهير الذى صدر ... مساء يوم الأثنين 5 نوفمبر .. ، (ولكننى أتكلم عن الخميس 1 نوفمبر ... فلننتظر ... !!! "
أو أتكلم عن العرب وتأييدهم الذى قطع خطوط أنابيب البترول من العراق الى سوريا .. والمظاهرات .. والتأييد المعنوى .. و .. و .. و .. والشعب العربى فى الكويت ... ولبنان .. وسوريا .. وا{دن .. والسودان ... و ... و ...
أو شجاعة المذيعين االفلسطينيين الذين كانوا يكونون طاقم موظفى الاذاعة العربى الموجود فى "محطة إذاعة الشرق الأدنى البريطانية " ورفضهم العمل العدوانى ضد مصر فرفضوا التعامل مع البريطانيين ، فقاموا بتقديم استقالاتهم يوم 1 نوفمبر 1956 احتجاجا على الغارات الجوية وعمليات القصف الغادرة ضد إخوانهم العرب ... وأستقالوا من وظيفتهم ... وتوقف إرسال المذيعين العرب وهكذا لم يتبق لفيرجسون سوى اللجوء إلى الاستعانة بمذيعين اسرائيليين ومذيعين فرنسيين يجيدون العربية لتكملة توجيه بياناته السلبية على موجات الأثير وقبل أن تتوقف المحطة إلى الأبد فيما بعد
لست أدرى كيف ابدأ ... ؟؟؟ ولكننى سأحاول أن أنشر بعض تفاصيل هذا اليوم بشكل مختصر جدا ... وعلى عدة أجزاء ....
(ألجزء الأول ... الغارات الجوية "ملخص" )
تم تخطيط وتنفيذ عشرة غارات مكثفة رئيسية لتحطيم مطارات ، وقواعد ، ومعسكرات ، ومؤسسات ، ومحطة إذاعة مصر ... وكان تخطيط الغارات يشمل ويمتد على مدى 24 ساعة .. ووضع لكل غارة أهداف معينة ، فكانت الغارة الواحدة ، تشمل العديد من الأهداف فى القاهرة وحولها ، وقواعد منطقة القنال ، والجنوب "الصعيد والبحر الأحمر" ومنطقة الدلتا والأسكندرية وغيرهم ..
كما كانت الغارات تتم أحيانا فى وقت واحد حتى يتسبب الأرتباك وحتى يصلوا الى تحطيم الروح المعنوية ...
تمت هذه الغارات ، بالأضافة الى الغارات الفرنسية والأسرائيلية على القوات الموجودة فى سيناء ... أو المتراجعة منها ... وقصف الكبارى والمعابر .. القصف البحرى ، والأحاطة بالشواطىء والقواعد البحرية المصرية .. فى البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر
الخـميس 1 نـوفمبر
تميز اليوم الآول من الغارات البريطانية بأنه يوم التدمير الزائد الشامل بالقنابل (Over destruction ) والمعروف عنه التغبير العسكرى القتل الزائد over-killing) واستعمال أحدث القادفات النفاثة الثقيلة بعيدة المدى ضد أهاافها فى مصر
وكانت تاكتيكية البريطانيين تهدف الى تحطيم القوات الجوية لبمصرية ومطاراتها ومازالت طائرات مصر الحديثة ترقد على الآرض، لتفادى قيام القادفات المصرية النفاثة من طراز اليوشن 28 والطائرات النفاثة من طراز ميج 15 وطراز 17 (مهاجمة متعقبة ) بتتبع القوات المهاجمة وتحميلها خسائر فادحة أو التقدم الى القواعد البريطانية فى قبرص ومالطة ومهاجمة وتحطيم الطائرات القادفة على الآرض ولقد أثبت هدا التكتيك صحته وفعاليته بشكل شديد وأعاد الآسرائيليون تتبعه فى حرب 1967
التخريب الأساسى والتحطيم الجوى الكبير
بدأ قيام جهاز التخريب الأساسى والتحطيم الجوى الكبير اعتبارا من الخميس 1 نوفمبر 1956 وتكون من أكثر من مئتين 200 طائرة استأنفت عملياتها قبل شروق الشمس بعشر دقائق، بالصعود إلى الجو من قاعدة أكروتيرى Akrottiri فى قبرص وكانت تتكون من ثلاثة اسراب مقاتلات قاذفات قنابل بريطانية حديثة من طراز فينوم وسربين قاتلات مقاتلة قاذفة نفاثة فرنسية من طراز F 84F المعروفة باسم ثاندرستريك Thunderstreakeعلاوة على الطائرات النفاثة البريطانية الموجودة على حاملات الطائرات البريطانية البيون وإيجل وبولوارك ، وكانت مهام الطلعات الجوية المتتالية هو مهاجمة المطارات المصرية الاثنى عشر الرئيسية والمنشآت الجوية وصالات الطائرات هانجار) بالصواريخ والمدافع الرشاشة والقنابل بحملات تعاد كل خمس عشرة 15 دقيقة بشكل لا يتوقف (الأحصائيات للتفاصيل)
غارات القاذفات الثقيلة يومى الخميس 1 نوفمبر والجمعة 2 نوفمبر 1956
اشتركت 83 طائرة نفاثة ثقيلة من قواعد قبرص ومالطة فى الغارات السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة يومى الخميس 1 نوفمبر والجمعة 2 نوفمبر فى مهاجمة قواعد ومطارات وقواعد السلاح الجوى المصرى فى مطار غرب القاهرة والآقصر وفايد وكسفريت فى قناة السويس وتكونت من 14 قاذفة من طراز فاليانت ب 1 علاوة على 71 قاذفة من طراز كانبيرا لالقاء المحددةحمولة قنابلهم وزن 1000 رطل وزن 1000 ووزن 500 رطل على القاعدة
ورغم أن الطائرات المعادية استمرت فى ضرب القوات على طريق الانسحاب، اشتركت 17 طائرة نفاثة ثقيلة من قاعدة قبرص فقط فى الغارة الثالثة المحددة لمهاجمة قاعدة السلاح الجوى المصرى فى مطار إنشاص فى الدلتا بالقرب من قناة السويس وتكونت من 17 قاذفة من طراز كانبيرا لإلقاء حمولة قنابلها وزن 1000 رطل وزن 1000 ووزن 500 رطل على القاعدة
" كما سأتناول فيما بعد تحليل قرار الانسحاب ورأى العسكريين فيه، بأن القرار كان صحيحا فى النية والتوقيت ولكن الخطأ كان يكمن فى التنفيذ العملى المحلي الميدانى" فقد انقذ قرار الانسحاب الصحيح قلب وأساس القوات المسلحة المصرية حتى وقعت مصيبة عام 1967
تاكتيكية غارات هجوم جهاز التخريب الأساسى والتحطيم الجوى (الأحصائيات للتفاصيل )
كان مشهد العمليات الطلعية الجوية فى قاعدة أكروتيرى التى كان يشارك فيها البريطانيون والفرنسيون يبين كفاءة التخطيط العملى، فقد كان يصعد للجو كل دقيقتين سرب يتكون من أربعة طائرات فى شكل ازدواجى محملة بصواريخ وقنابل وذخيرة للهجوم دون خزانات وقود اضافية لترجع بعد ساعة وربع من طلعتها بعدما ألقت بحمولتها على مصر،
وكان التخطيط الهجومى لا يسمح لها بالبقاء فوق أرض المعارك أكثر من خمس عشرة دقيقة يقومون فيها بثلاثة هجمات منخفضة على أهدافهم ووضع التخطيط الوقتى بحساب ربع ساعة تفرق بين كل غارة وأخرى حتى لا تتمكن أطقم الدفاع المصرية من تصليح الضرر على الممرات أو السماح لطائرات الدفاع المصرية بالطلوع والتعقب ، وتوفر لرجوع السرب الأول الذى ما تكاد تلمس عجلات هبوطه ممر الهبوط حتى يصعد السرب التإلى فى الجو واتخذت الطائرات المهاجمة طريق الطيران فوق شبه جزيرة سيناء كأقصر طريق للوصول إلى أهدافها فى مصر
غارات جوية مركزة على الأهداف والمنشآت المصرية (الأحصائيات للتفاصيل)
واستمرت الغارات الجوية المركزة على الأهداف والمنشآت المصرية طوال يوم الخميس أول نوفمبر وبدأت الطائرات البريطانية والفرنسية فى اللجوء إلى الطيران المنخفض لتحقق دقة إصابة أهدافها مما سبب خسائر فادحة فى النفوس و فظيعة فى المعدات وهو وضع مؤلم كان له التأثير الكبير فى أن يصدر القرار المصرى فى صباح ذلك اليوم بسحب القوات المصرية التى كانت موجودة فى سيناء إلى غرب شاطىء القناة ولوقف تقدم القوات المصرية المتجهة إلى سيناء وذلك لتفادى وافساد مخطط كمين الأعداء لقواتنا الذى كان ينوى يقطع خط الرجعة على الجيش المصرى تفاديا كمين الكماشة يقوم فيه الأعداء بتدمير قواتنا بشريا ومعدات
حـقــنا فى مـــعرفـــة الحـــقـــيـــقــــة .لا يناقش ولا يمكن إنكاره.. !!!!