الوثائق الإسرائيلية (الحلقة السادسة) - إسرائيل أجرت تدريبات على خطة هجوم مصرية قبيل حرب أكتوبر كانت شبيهة تماما بالهجوم المصري الفعلي
المصدر
http://aawsat.com/details.asp?issueno=10421&article=422992
الوثائق الإسرائيلية (الحلقة السادسة) - إسرائيل أجرت تدريبات على خطة هجوم مصرية قبيل حرب أكتوبر كانت شبيهة تماما بالهجوم المصري الفعلي
الوثائق تشير إلى أن الموساد تلقى معلومات مهمة عن قرب اندلاع الحرب لكنها لا تكشف مصدر هذه المعلومات
تل أبيب: نظير مجلي
* إسرائيل كانت قلقة من هجوم سوري مباغت عام 73 أكثر من قلقها من هجوم مصري
* تشير كل الدلائل، في هذه الحلقة من تقرير لجنة أغرنات الإسرائيلية للتحقيق في اخفاقات الجيش الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، إلى أن المصريين نجحوا في تضليل الجيش الإسرائيلي وبث معلومات إليه تطمئنه بأن مصر لا تنوي شن الحرب. فقد أوصلوا لإسرائيل معلومات تفيد بأن الجيش المصري سيسرح قوات جيش الاحتياط في العاشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) 1973 وأن قيادة الجيش سمحت لكل من يريد من الجنود والضباط بأن يسافر الى العمرة خلال النصف الثاني من شهر رمضان المبارك، علما بأن الحرب نشبت في العاشر من رمضان. وفي ما بعد سنصل إلى معلومات أخرى في باب التضليل نفسه. وقد وقعت إسرائيل في المطب وصدقت كل هذه المعلومات، كما خطط المصريون.
لكن وثيقة أخرى نشرت فقط في السنة الأخيرة أشارت إلى أن اسرائيل أجرت تدريبات عسكرية على خطة هجوم مصرية قبيل حرب أكتوبر، وأن هذه الخطة المصرية كانت شبيهة تماما بالهجوم المصري الفعلي. ويعني ذلك أن اسرائيل حصلت على نسخة من هذا المخطط المصري، أو أن الصدفة فقط جعلت العسكريين الاسرائيليين يحللون الظروف ويدرسون طريقة عمل الجيش المصري والجيش السوفياتي الذي يناصره ويتوصلون لنفس الاستنتاجات.
وحسب هذه الوثيقة، التي نشرت في كتاب بعنوان «ذنب بلا غفران» من تأليف اثنين من كبار ضباط المخابرات الاسرائيلية، هما دافيد أربل وأوري نئمان (اصدار دار النشر «حيمد» التابعة لصحيفة «يديعوت أحرونوت» 2005)، فإن الجيش الاسرائيلي تدرب على تلك الخطة وأنهى تدريباته بنجاح تام، وتم اكتشاف بعض الثغرات في التدريبات وتم سدها لدى تلخيص التدريبات، وكان من المفروض ألا يحدث أي خلل في تطبيقها. ولكن مفاجأة الهجوم المصري وسرعة تنفيذ خطة عبور القنال داهمت الجيش الاسرائيلي وأصابت قيادته بالاضطراب، فلم يعد يدري ماذا ينفذ وكيف.بيد أن الأهم من ذلك هو الاستمرار في العنجهية والغطرسة والغرور.
فحسب ما سنرى في هذه الحلقة، كانت هناك أكثر من اشارة واضحة وتقدير دقيق في اسرائيل بأن المصريين والسوريين يخططون لهجوم مشترك لتحرير الأراضي المحتلة منذ العام 1967، وساد القلق لدى الوزراء ورئيسة الحكومة والعديد من الضباط أيضا، ولكن قادة الجيش المسؤولين عن رصد الجانب العربي والمتخصصين في الشؤون العربية، أي الاستخبارات العسكرية، مصرون على أن العرب لا يجرؤون على محاربة اسرائيل خوفا من الهزيمة. فيما يلي حلقة جديدة من وثيقة «تقرير أغرنات»، لجنة التحقيق الاسرائيلية الرسمية في اخفاقات حرب أكتوبر 1973، التي تنفرد «الشرق الأوسط» بنشرها منذ ستة أيام. ونعود ونذكر القراء بأن كل ما يلي نشره بعد هذه المقدمة، هو النص الأصلي للوثيقة، كما قرأناها في أرشيف الجيش الاسرائيلي، بعد أن سمحت لجنة حكومية خاصة بالكشف عن أسرارها. كل كلمة أو جملة جرى توكيدها بوضع خط تحتها، فإن التوكيد جاء في الأصل. وكل ما جاء بين قوسين على هذا النحو ( )، هو عبارة عن ملاحظات ظهرت في الأصل وقد وضعتها اللجنة بنفسها.
وأما المواد التي ظهرت بين قوسين على هذا النحو [ ] ، فهي عبارة عن شرح رأينا أنه ضروري للقارئ العربي، في بعض الأحيان بغية التفسير، وفي احيان أخرى لإكمال المعنى، وفي بعض الحالات استخدمناه لتصحيح انطباعات قد تنجم بالخطأ بسبب ركاكة الصياغة اللغوية للجنة، التي وضعت تقريرها بالنص الأصلي من دون تمريره على محرر لغوي: الفصل الثاني: من 1 أكتوبر وحتى 5 أكتوبر فصاعدا
* أمر «إشور»
* في يوم 1 أكتوبر [تشرين الأول 1973]، أصدرت دائرة هيئة الأركان العامة / عمليات الأمر «إشور» [كلمة عبرية تعني «تصريحا» أو «مصادقة» لكنها في هذا السياق مجرد كلمة لا يقصد بها المعنى]، لمضاعفة حالة الاستعداد وزيادة القوات لسلاح المدرعات في هضبة الجولان الى 111 دبابة و8 بطاريات مدفعية (وكلها من الجيش النظامي) واجراء تغييرات في الجبهة الجنوبية (أنظر وثائق البينات رقم 176 و258 وتفاصيل تلك الاستعدادات لاحقا في البند 147).
* الأبحاث حول هضبة الجولان
* في يوم 2 أكتوبر أظهرت الصور الجوية تعزيزات مقلقة للقوات [السورية] في جبهة هضبة الجولان وتقدم القوات نحو الجبهة (أنظر الى البند 55 لاحقا). في اليوم نفسه، عقد لقاء بين وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش حول الوضع في هضبة الجولان. اقتباس من أقوال رئيس الأركان في هذا اللقاء، كما سجله رئيس مكتب وزير الدفاع، نعرضه لاحقا (في البند 199 د).
في نهاية اللقاء طلب الوزير من رئيس الأركان «ورقة تتضمن ماهية استعداداتهم [في الجيوش العربية]... واستعداداتنا مع تفاصيل بالتعزيزات». وقد أعدت هذه الورقة لوزير الدفاع في 3 أكتوبر (وثيقة البينات رقم 274). وشملت تفاصيل عن الزيادة الكبيرة في عدد الدبابات والمدافع السورية في القطاع المتقدم وفي الجبهة الخلفية السورية وزيادة عدد بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات في الجبهة من 1 يناير [كانون الثاني] 1973 وحتى 1 أكتوبر [تشرين الأول] 1973. ويختتم رئيس أركان الجيش تقديراته حول شبكة الطوارئ السورية في تلك الورقة بهذه الكلمات:
«حسب تقديراتنا، فإن شبكة الطوارئ أقيمت بالأساس بسبب التخوفات المتراكمة من اسرائيل. ونحن نرى ان سورية لا تقدر بأنها قادرة على المخاطرة بحرب شاملة مع اسرائيل، على الأقل من دون خوضها بشكل مشترك مع مصر. والاحتمال الآخر، وهذا تقدير منخفض الامكانية، فإن شبكة الطوارئ [السورية] أقيمت بغرض القيام بعملية ثأرية لسورية ردا على اسقاط 13 طائرة والاستعداد لأقصى امكانية للدفاع عن النفس في وجه رد منا».
وفي يوم 2 أكتوبر نفسه اقترح وزير الدفاع لقاء تشاوريا لدى رئيسة الحكومة حول الوضع في هضبة الجولان، الذي لم يشعر بالارتياح ازاءه، على ما يبدو. وفي شهادته (صفحة 4232/3)، أورد أقواله للوزير يسرائيل غليلي، كما دونت في حينه:
«أنا لست مرتاحا من المشاكل في هضبة الجولان وأريد شركاء لي في المسؤولية حول هذا الموضوع، وسأحضر الى النقاش كلا من رئيس اركان الجيش ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية وقائد سلاح الجو. هناك أنباء مقلقة. فعلى الخط الأمامي توجد 650 دبابة وشبكة صواريخ تغطي مناطقنا.. توجد لديهم 550 بؤرة مدفعية.. وأنا قلق على السكان. حول الموضوع العسكري يجب أن نجلس مع غولدا [رئيسة الحكومة]».
* المشاورات لدى رئيسة الوزراء في يوم 3 أكتوبر
* لقد كانت رئيسة الوزراء [غولدا مئير] في زيارة خارج البلاد (شتراسبورغ وفيينا) من يوم 30 سبتمبر وحتى يوم 2 أكتوبر.
وفي يوم 3 أكتوبر عقد لديها الاجتماع التشاوري الذي بادر اليه وزير الدفاع وشارك فيه كل من الوزراء [يغئال] ألون [وكان نائبا لرئيسة الوزراء ووزيرا للتعليم] و[الوزير بلا وزارة يسرائيل] غليلي و[وزير الدفاع، موشيه] ديان، ورئيس الأركان [دافيد العزار]، وقائد سلاح الجو، الجنرال ب. بيلد والعميد أريه شيلو (الذي حل محل الجنرال ايلي زعيرا [رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية] الذي كان مريضا)، ومساعدوهم. وقد قدم لنا العميد ليئور، السكرتير العسكري لرئيسة الوزراء، بروتوكول [تلك الجلسة] (وثيقة البينات رقم 57)، الذي يشكل شهادة مهمة حول الأجواء وحول تقديرات المشاركين في هذه المشاورات، التي تمت قبل ثلاثة ايام من اندلاع الحرب. وسنعرض في ما يلي الأقوال كما هي، من دون تعليقات أو انتقادات منا.
افتتح المشاورات وزير الدفاع قائلا انه طلب هذا اللقاء «بسبب التغيرات في الجبهات، في سورية بالأساس وبمدى معين أيضا في مصر»، ويواصل [وزير الدفاع موشيه ديان] (الصفحة الأولى من البروتوكول):
«في مصر يوجد لنا عدو وتوجد لنا عقبة طبيعية متمثلة في [قناة] السويس اضافة الى الصحراء ولا توجد على تلك المنطقة بلدات. إذا اندلعت حرب فلتندلع. في سورية – يوجد لنا عدو ولا توجد عقبات.
على كل حال هو غير جدي وتوجد لنا بلدات. لهذا فإن الأمر مقلق بشكل خاص وبشكل دائم من الناحية الموضوعية في هذه الجبهة...».
ويطرح على البحث ثلاث نقاط:
«1. التقديرات وتعاظم السلاح في حوزتهم. بالأساس للسوريين ولكن أيضا المصريين. الأنباء التي وصلت حول استعدادهم أو رغبتهم في استئناف الحرب.
ما هي قواتنا هناك واستعداداتنا...» وبناء على ذلك: «ماذا نفعل أو ماذا بمقدورنا أن نفعل» واستعرض العميد شيلو أمام الحضور المعلومات المتوفرة بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية، وكما قال (صفحة 2): «معلومات مقلقة عن سورية وكذلك عن مصر» (لم يفصح عن مصادر تلك المعلومات)، ثم راح يصف استعدادات الجيش السوري («حالة الطوارئ») الذي تمترس في عمق «دفاعي كامل». ويشير الى «أمور استثنائية»: تقدم سربين لطائرات سوخوي الى مطارات متقدمة والدفع الى الأمام بوحدة جسر وتقدم مدافع قيادة الأركان نحو الجبهة وشبكة الصواريخ المضادة للطائرات جنوب دمشق، مؤكدا ان الأمر أكثر جدية مما مضى. ويقدم وزير الدفاع ملاحظة (صفحة 3) بأن «نشر الصواريخ المضادة للطائرات بهذه الكثافة حتى وهي في الأراضي السورية انما تغطي كل منطقة هضبة الجولان». ويواصل العميد شيلو شرحه فيقول «في مصر تتم تدريبات متعددة الأذرع تشمل أيضا قوات الأركان في الجيش وقياداتها. وقد بدأت في مطلع الشهر وستتواصل حتى السابع منه وفي اطارها تنفذ أنواعا عديدة من التمرينات وألغيت جميع الإجازات، لكنها ستستأنف في الثامن من الشهر» – كل هذا كان وفقا للمعلومات التضليلية التي بثها المصريون.
وفي صفحة 4 يعزز [العميد شيلو] أقواله:
«هناك أمور تدل على انها فعلا تدريبات. هناك معلومات وهناك أدلة على انها تدريبات.
نموذج واحد على ذلك: الآن هو شهر رمضان لديهم. فحصنا ما إذا كانت هناك تدريبات في الماضي في شهر رمضان. يتضح أن تدريبا كهذا أجري قبل سنتين. اضافة الى ذلك، فإن وزير الحربية [المصري] أصدر تعميما داخليا يسمح فيه للضباط الذين يرغبون في السفر الى مكة أن يفعلوا ذلك في الثلث الثالث من شهر رمضان...» (أنظر في هذا الشأن الى البند 68 لاحقا).
ويقول العميد شيلو عن موضوع التدريبات (صفحة 3):
«لا أدري ما هو الموضوع هذه المرة ولكنني أقدر بأنه احتلال سيناء... ويتضمن... ثلاث مراحل: 1. الاستعدادات، التي ما زالوا عاكفين عليها. ففي هذه المرحلة توجد عملية تحريك للقوات. قوات في العمق يتم دفعها الى الأمام. وهم يزودون السلاح للألوية الأرضية... ففي مرحلة الاستعدادات يتم التصرف كما لو انه حقيقة ولا يقولون فقط بالهاتف... صفحة (4). صحيح انهم دفعوا الى الأمام بقسم من القوات المرابطة من حول القاهرة... والمرحلة الثانية: تدريب تكتيكي يعرضون فيه المشكلة وكيف يتم حلها. وهناك وحدة أو اثنتان تنفذ التدريب مع قوات حقيقية».
ملاحظة: في قضية ماهية «التدريبات» أقرأ لاحقا البنود 71 – 74:
ويختتم العميد شيلو أقواله بعرض موقف شعبة الاستخبارات العسكرية (نهاية الصفحة الرابعة من البروتوكول وانظر البند 49 (ز) أيضا): «توجد هنا ظاهرتان: 1. حالة طوارئ في سورية. 2. تدريب في مصر. أنا أعتقد ان علينا أن نختار تقديراتنا على أساس السؤال ما إذا كانت هناك أسباب مستقلة لكل طرف تجعله يتصرف أو ان هناك شيئا ما مشتركا بينهما وما هو هذا الشيء.
إذا كان ما هو مشترك فإن هذا هو أسوأ الاحتمالات – حرب شاملة في سورية بواسطة شبكة الطوارئ، التي هي في أساسها دفاعية ولكنها قادرة على التحول الى هجوم، ولا توجد هنا ضرورة لبناء أي شيء جديد [لمواجهتها اسرائيليا].
بالنسبة لاحتمال الحرب تحت غطاء التدريبات، حسب التقديرات، هل هو معقول؟ حسب (صفحة 5) معلوماتي ورأيي، واعتمادا على الشعور المبني من مراجعة مواد كثيرة في حوزتنا من الأيام الأخيرة، مصر تقدر بأنها لا تستطيع حتى الآن التوجه للحرب. أنا أعتقد ان احتمالات خطوة كهذه، بغض النظر عن الاعتبارات السياسية وغيرها التي قد تؤدي الى النجاح، فإنها كانت لتتوجه لو انها تعتقد ذلك. ولكنها تقدر بأنها غير قادرة حتى الآن على التوجه الى الحرب. [هذه اللعثمة في الصياغة هي من الأصل]. هذا نقوله بسبب قدرتنا على المعرفة والإحساس بالأمور التي يفكرون فيها. بناء عليه، فإن امكانية الحرب المشتركة المصرية السورية لا تبدو لي معقولة، حيث انه لم يحصل تغيير في تقديراتهم لوضع القوات في سيناء بأنه يجعلهم قادرين على القتال. في مصر، أنطلق من التقدير بأن الأمر بالأساس هو تدريب. في العاشر من الشهر سيسرحون قوات الاحتياط. وزير الدفاع طرح بحق فكرة ضرورة البحث في الوضع مع سورية بالأساس».
الوزير [يغئال] ألون سأل حول شكل الأوامر الصادرة في مصر، والعميد شيلو يرد: «لا يوجد الكثير من الاستثناءات في شكل الأوامر بتحريك القوات في مصر». أحد «الاستثناءات» التي يذكرها هو ارسال رجالات الجيش الى مطار أبو سوار قرب القناة المخصص لطائرات ميغ 17 في القوات التنفيذية. وتسأل رئيسة الوزراء: «لو أن السوريين باشروا، هل المصريون يستطيعون بما لديهم الآن، الاستعداد لهجوم ما بغية مساعدة سورية؟». ويرد العميد شيلو: «من الناحية التنفيذية يستطيعون بهذه الاستعدادات أن يتوجهوا الى هجوم بالتأكيد».
هنا تأتي الآراء المتباينة حول امكانية أن يبادرالسوريون الى المباشرة بهجوم علينا لتربيطنا ومن ثم يبدأ المصريون المرحلة الثانية. فتسأل رئيسة الوزراء: «ألا يمكن أن يحدث الأمر بشكل عكسي فيشغلنا المصريون بعض الشيء في حين يحاول السوريون عمل شيء في الجولان؟».
ويرد العميد شيلو (صفحة 6)، بأن [الرئيس السوري حافظ] الأسد يعرف ما هي حدوده، لأنهم «يدركون التفوق الاستراتيجي الاسرائيلي العالي في المنطقة.. وبسلاح الجو»، خصوصا بعد اسقاط الـ 13 طائرة، وبأن لدى المصريين تقديرات تشير الى ان اسرائيل قادرة على تكبيد مصر خسائر في الجو. ومرة أخرى:
«ولو انه (الأسد) يشعر بأن وضع الدفاعات الجوية [السورية] هو أفضل اليوم.. إلا ان لديه بعيدا في عمق تفكيره الادراك بالتفوق الاسرائيلي..» وعلى الرغم من ذلك، فإن «هناك شيئا محدودا في سورية» – «لا أستطيع أن أدرس امكانية توجيه ضربة مسبقة على أساس التقدير بـ [أنهم يتجهون الى اعلان] الحرب». فهذا احتمال يجب أخذه بالاعتبار ولكنه احتمال ضعيف، لأن السوريين يعرفون أن اسرائيل لن ترد فقط بعمليات محدودة.
ويعبر رئيس أركان الجيش عن رأيه في ما يلي، كما جاء في الصفحات 8 – 11، ونحن نقتبس من أقواله في البند 199 (ه). لقد ذكرنا هناك (البند 211) توصيته بـ«الابقاء على الوضعية الحالية مع بعض التعزيزات». وفي رد على سؤال لرئيسة الوزراء (الصفحة 9 في البروتوكول)، «وإذا توجهنا بطريقة أخرى مختلفة عما تقترحه؟»، يقول [رئيس الأركان]: «إذا قررنا تعزيز القوات أكثر فإن ذلك سيضعف الجنوب أو يضطرنا الى إحداث تغييرات أكثر حدة في تجنيد الاحتياط لفترات طويلة»ـ ـ. وهنا يتطور نقاش، بعد سؤال وجهته رئيسة الوزراء حول امتلاك صواريخ «sa 6» الهجومية.
وفي صفحة 10 يعود رئيس الأركان ليكرر تقديراته ويفصل في استعراض الامكانيات لضرب سورية من الجو. ويقول حول تنفيذ هجوم جوي في هضبة الجولان (نهاية صفحة 10): «نحن نستطيع المخاطرة من الآن ونعمل في هضبة الجولان، لأنني أريد هنا أن أوضح أننا عندما نقول ان لديهم شبكة دفاع جوي بالصواريخ فإن ذلك لا يعني أنهم أغلقوا السماء بشكل مطبق. نحن سنطير ونهاجم ونجهض هجوما [من طرفهم].
ربما نخسر طائرتين أو ثلاثا. لكن الأمر يزيد احتمالات زيادة الخسائر». ويعبر وزير الدفاع عن شكوكه (صفحة 12) بالنسبة لنوايا السوريين: فقد أعطوا دفاعا مكثفا جدا بنقل الصواريخ المضادة للطائرات الى خط الدفاع الأمامي، مع انه معروف لهم أننا لسنا معنيين بمهاجمتهم على الأرض في هضبة الجولان. «هذا ليس بالأمر الدفاعي العادي». وبالنسبة لمصر، فإذا كانوا يفكرون بعبور القناة [السويس] تحت مظلة صواريخهم فإنهم سيجدون أنفسهم في وضع غير مريح أبدا. «سيدفعون ثمنا باهظا. فإذا تمكنوا من عبور القنال سيصلون الى طريق لا ينتهي وعندها سنأتيهم من كل الاتجاهات».
أما سورية فإنها تستطيع أن تحتل هضبة الجولان تحت غطاء صواريخها ومدفعيتها وعندئذ «سيكون لها خط دفاعي مسنود بحاجز طبيعي جيد جدا نسبيا هو نهر الأردن مع كل منحدراته وتعرجاته. وستكون قد حلت مسألتها القومية بتحريرها الجولان من قبضتنا». ويسأل الوزير [يغئال] ألون (صفحة 13): «ما هو تركيز قواتنا في الشمال من ناحية البعد والشمولية؟» ويرد رئيس الأركان انه في غضون 24 ساعة يكون من الممكن زيادة 113 دبابة على الدبابات الخمسين الموجودة في الجبهة الشمالية، واضافة 33 دبابة أخرى بتشكيل الطواقم من مدرسة المدرعات والوصول خلال ساعات الى حوالي 170 دبابة. والبقية تتعلق بمسألة تجنيد جيش الاحتياط.
وتعود رئيسة الوزراء الى موضوع الامتلاك [الصواريخ المضادة للطائرات] وتلاحظ قائلة (صفحة 14)، بأن «المعلومات تتحدث عن شهر أكتوبر، وهذا يعني ان شيئا ما سيحصل في هذا الشهر بالذات..».
ويقول الوزير ألون (صفحة 14): «.. ربما هناك حاجة، إن لم يكن اليوم ففي يوم الأحد، أن يقدم وزير الدفاع ورئيس الأركان تقارير للحكومة حول استعدادات العدو، ليكون ذلك اعدادا، على الأقل وقبل كل شيء، اعدادا معلوماتيا. فمن حق الحكومة أن تعرف هذا..». وفي صفحة 14 تقول رئيسة الوزراء: «.. أنا أقبل هذه الفرضية مائة بالمائة، بأن هناك فرقا بين سورية ومصر. فعلى ما أعتقد لا يوجد نقاش البتة حول هذه النقطة. المصريون يستطيعون عبور القنال ولكنهم سيكونون عندئذ بعيدين عن قواعدهم أكثر. فماذا يعطيهم هذا في نهاية المطاف؟ لكن بالمقابل فإن الوضع في سورية مختلف. فحتى لو أرادوا كل الجولان، فإن كل ما سينجحون في أخذه حتى لو بعض البلدات أو أي شيء ما بعد الحدود يستطيعون الاحتفاظ به سيكون مكسبا في ايديهم».
الوزير ألون: «العنصر المصري مهم ليس بحد ذاته، انما لكونه عنصر دعم للسوريين. فمن المحتمل أن يحاولوا العبور لكي يكبلوا القوات [الاسرائيلية] ويخففوا عن السوريين في الشمال».
ويسأل (صفحة 15): «هل توجد امكانية لأن نحذر السوريين بواسطة طرف ثالث بأن يخففوا من تعزيزاتهم، حيث أن التحذيرات العلنية تفهم فقط بشكل تحد؟» وأعطي له الجواب بأن ذلك ممكن (الصفحة 16). وقالت رئيسة الحكومة (صفحة 16): «أنا أقترح أن تعقد جلسة للحكومة في يوم الأحد (وهو اليوم التالي ليوم الغفران)... ففي يوم الأحد نطرح هذه القضايا أمام الحكومة وليتنا لن نحتاج الى ذلك. ولكن، إذا احتجنا فسيكون قرارا جديدا».
(القرار المشار اليه هنا يتعلق بمصادقة الحكومة على مهاجمة أهداف داخل سورية).
ويقترح الوزير [يسرائيل] غليلي (صفحة 17) أن يتم استيضاح ما يمكن عمله للدفاع عن المستوطنات في هضبة الجولان أيضا قبل جلسة الحكومة المذكورة، لأن هذه – حسب رأيه – ستكون أيضا نقطة الانطلاق في توجه الحكومة لأي موضوع.
19. لتلخيص ما تم تداوله في هذه الجلسة التشاورية ينبغي القول ان القلق تركز بالأساس على امكانية الهجوم السوري في الجولان. صحيح ان الحاضرين ذكروا امكانية تنسيق هجوم بين سورية ومصر، إلا أن ايا منهم لم يخالف رأي شعبة الاستخبارات العسكرية، الذي عرضه العميد شيلو، بأن المصريين لا ينوون الهجوم لأنهم لا يرون في أنفسهم القدرة على الخروج الى حرب ضد اسرائيل. ويتضح بأن الأمر لم يبد للحاضرين ملحا لدرجة طرحه في جلسة الحكومة التي عقدت في اليوم التالي [لذلك اللقاء التشاوري] والتي أعطت فيها رئيسة الوزراء تقريرا عن زيارتها خارج البلاد.
وفي اليوم نفسه، 3 أكتوبر [تشرين الأول]، أمرت قيادة الأركان/ عمليات بتنفيذ مهمات تعزيز (زرع ألغام، تحسين قناة الصواريخ المضادة للطائرات وغيرها) في هضبة الجولان (وثيقة البينات رقم 176، أخضر، الملحق رقم 13).
20. في يوم 4 أكتوبر جرى بحث في مكتب وزير الدفاع باشتراك رئيس أركان الجيش ونائب رئيس الأركان وقائد اللواء الشمالي والعميد شيلو. موضوع البحث الذي ما زال يقلق وزير الدفاع هو خطر هجوم سوري على المستوطنات في هضبة الجولان. حسب صياغته (صفحة 5 في البروتوكول، وثيقة البينات رقم 260): «لدي جرح لا يندمل، ليس الهضبة بل المستوطنات هناك. ففي المنطقة التي لا توجد فيها مستوطنات لا يهمني أن يهاجموا أو لا يهاجموا».
ثم في صفحة 6: «في السويس توجد قناة وصحراء ولا توجد مستوطنات... لكن هنا (في هضبة الجولان)، توجد مستوطنات. يوجد عدو ولا توجد قناة ولا إنذار».
لذلك فإن الوزير يصر على تعزيز الحدود في هضبة الجولان وانتقل البحث الى أساليب الدفاع في وجه الطائرات. ولكن وفي جلسة هيئة رئاسة الأركان في اليوم نفسه لا يوجد بحث حول الوضع على الحدود (أنظر البند 202).
21. في اليوم نفسه اطلقت طائرة تصوير في جبهة القناة [قنال السويس] (أنظر تفاصيل ذلك في البند 86).
من مساء يوم الرابع من أكتوبر وخلال الليل بدأت تصل الينا معلومات عن مغادرة عائلات الخبراء الروس من سورية ومن مصر. هذه الأنباء زعزعت مصداقية شعبة الاستخبارات العسكرية / دائرة البحوث، التي ادعت بأن ما يحصل في سورية هو تجهيزات دفاعية وفي مصر تدريبات (تفاصيل عن المعلومات وعن تقديرات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس اركان الجيش، إقرأ في البندين 75 و76).
في الساعات الباكرة من فجر 5 أكتوبر، تلقى رئيس الموساد [جهاز المخابرات الاسرائيلية الخارجية]، خبرا طارئا عن وصول معلومة تحذيرية مهمة (إقرأ التفاصيل في البند 38 لاحقا).
"إسرائيل" تدرب جنودها على عبور قناة السويس
المصدر
http://www.shareah.com/index.php?/news/view/action/view/id/7400/
"إسرائيل" تدرب جنودها على عبور قناة السويس
لواء الشريعة - وكالات
أضيف في :20 - 7 - 2008
ذكرت تقارير صحفية مصرية نشرتها جريدة الفجر أن إحدى كتائب الاحتياط التابعة لسلاح المهندسين الصهيوني بدأت في إعادة بناء "الكوبري" الحديدي الذي استخدمه ارئيل شارون أثناء حرب السادس من أكتوبر 1973 في عملية الهجوم المعاكس التي يطلق عليها "ثغرة الدفرسوار".
وقام سلاح المهندسين بتطوير "الكبري" عن طريق تخفيف وزنه لنقل قوات المشاة والمدرعات وناقلات المساعدات اللوجستية، وفي احتلال مناطق كبيرة، وذلك في حالة أية مواجهة عسكرية قادمة مع مصر.
وكان "الكوبري" "الإسرائيلي" وقتها أحد أهم أسباب زيادة حجم الخسائر العسكرية الصهيونية في هذه عملية "الدفرسوار" بسبب وزنه الذي وصل إلي 700 طن، ما شكل عائقًا أمام جيش الاحتلال وقتها في سرعة تنفيذ الهجوم المعاكس.
وعلى الرغم من أن السيناريوهات التي وضعها الجيش "الإسرائيلي" لاستخدام "الكوبري" تجاهلت ذكر مصر تمامًا، واكتفت بالحديث عن استخدامه في عبور نهر الأردن أو البحر الميت أو بحيرة طبرية في حالة المواجهة العسكرية مع سوريا.
ونظرًا لأن شبح الحرب مع مصر لم يختف بعد، بدأ سلاح الهندسة "الإسرائيلي" التخطيط والاستعداد لإمكان عبور القناة، والأكثر من ذلك أن الجيش "الإسرائيلي" قد استند في نظرية الحرب إلى أن عبور القناة سيكون خطوة حاسمة تحبط أي هجوم يقوم به الجيش المصري.
وليقارن الكوبري مرة أخري
الوثائق الإسرائيلية (الحلقة السادسة) - إسرائيل أجرت تدريبات على خطة هجوم مصرية قبيل حرب أكتوبر كانت شبيهة تماما بالهجوم المصري الفعلي
الوثائق تشير إلى أن الموساد تلقى معلومات مهمة عن قرب اندلاع الحرب لكنها لا تكشف مصدر هذه المعلومات
تل أبيب: نظير مجلي
* إسرائيل كانت قلقة من هجوم سوري مباغت عام 73 أكثر من قلقها من هجوم مصري
* تشير كل الدلائل، في هذه الحلقة من تقرير لجنة أغرنات الإسرائيلية للتحقيق في اخفاقات الجيش الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، إلى أن المصريين نجحوا في تضليل الجيش الإسرائيلي وبث معلومات إليه تطمئنه بأن مصر لا تنوي شن الحرب. فقد أوصلوا لإسرائيل معلومات تفيد بأن الجيش المصري سيسرح قوات جيش الاحتياط في العاشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) 1973 وأن قيادة الجيش سمحت لكل من يريد من الجنود والضباط بأن يسافر الى العمرة خلال النصف الثاني من شهر رمضان المبارك، علما بأن الحرب نشبت في العاشر من رمضان. وفي ما بعد سنصل إلى معلومات أخرى في باب التضليل نفسه. وقد وقعت إسرائيل في المطب وصدقت كل هذه المعلومات، كما خطط المصريون.
لكن وثيقة أخرى نشرت فقط في السنة الأخيرة أشارت إلى أن اسرائيل أجرت تدريبات عسكرية على خطة هجوم مصرية قبيل حرب أكتوبر، وأن هذه الخطة المصرية كانت شبيهة تماما بالهجوم المصري الفعلي. ويعني ذلك أن اسرائيل حصلت على نسخة من هذا المخطط المصري، أو أن الصدفة فقط جعلت العسكريين الاسرائيليين يحللون الظروف ويدرسون طريقة عمل الجيش المصري والجيش السوفياتي الذي يناصره ويتوصلون لنفس الاستنتاجات.
وحسب هذه الوثيقة، التي نشرت في كتاب بعنوان «ذنب بلا غفران» من تأليف اثنين من كبار ضباط المخابرات الاسرائيلية، هما دافيد أربل وأوري نئمان (اصدار دار النشر «حيمد» التابعة لصحيفة «يديعوت أحرونوت» 2005)، فإن الجيش الاسرائيلي تدرب على تلك الخطة وأنهى تدريباته بنجاح تام، وتم اكتشاف بعض الثغرات في التدريبات وتم سدها لدى تلخيص التدريبات، وكان من المفروض ألا يحدث أي خلل في تطبيقها. ولكن مفاجأة الهجوم المصري وسرعة تنفيذ خطة عبور القنال داهمت الجيش الاسرائيلي وأصابت قيادته بالاضطراب، فلم يعد يدري ماذا ينفذ وكيف.بيد أن الأهم من ذلك هو الاستمرار في العنجهية والغطرسة والغرور.
فحسب ما سنرى في هذه الحلقة، كانت هناك أكثر من اشارة واضحة وتقدير دقيق في اسرائيل بأن المصريين والسوريين يخططون لهجوم مشترك لتحرير الأراضي المحتلة منذ العام 1967، وساد القلق لدى الوزراء ورئيسة الحكومة والعديد من الضباط أيضا، ولكن قادة الجيش المسؤولين عن رصد الجانب العربي والمتخصصين في الشؤون العربية، أي الاستخبارات العسكرية، مصرون على أن العرب لا يجرؤون على محاربة اسرائيل خوفا من الهزيمة. فيما يلي حلقة جديدة من وثيقة «تقرير أغرنات»، لجنة التحقيق الاسرائيلية الرسمية في اخفاقات حرب أكتوبر 1973، التي تنفرد «الشرق الأوسط» بنشرها منذ ستة أيام. ونعود ونذكر القراء بأن كل ما يلي نشره بعد هذه المقدمة، هو النص الأصلي للوثيقة، كما قرأناها في أرشيف الجيش الاسرائيلي، بعد أن سمحت لجنة حكومية خاصة بالكشف عن أسرارها. كل كلمة أو جملة جرى توكيدها بوضع خط تحتها، فإن التوكيد جاء في الأصل. وكل ما جاء بين قوسين على هذا النحو ( )، هو عبارة عن ملاحظات ظهرت في الأصل وقد وضعتها اللجنة بنفسها.
وأما المواد التي ظهرت بين قوسين على هذا النحو [ ] ، فهي عبارة عن شرح رأينا أنه ضروري للقارئ العربي، في بعض الأحيان بغية التفسير، وفي احيان أخرى لإكمال المعنى، وفي بعض الحالات استخدمناه لتصحيح انطباعات قد تنجم بالخطأ بسبب ركاكة الصياغة اللغوية للجنة، التي وضعت تقريرها بالنص الأصلي من دون تمريره على محرر لغوي: الفصل الثاني: من 1 أكتوبر وحتى 5 أكتوبر فصاعدا
* أمر «إشور»
* في يوم 1 أكتوبر [تشرين الأول 1973]، أصدرت دائرة هيئة الأركان العامة / عمليات الأمر «إشور» [كلمة عبرية تعني «تصريحا» أو «مصادقة» لكنها في هذا السياق مجرد كلمة لا يقصد بها المعنى]، لمضاعفة حالة الاستعداد وزيادة القوات لسلاح المدرعات في هضبة الجولان الى 111 دبابة و8 بطاريات مدفعية (وكلها من الجيش النظامي) واجراء تغييرات في الجبهة الجنوبية (أنظر وثائق البينات رقم 176 و258 وتفاصيل تلك الاستعدادات لاحقا في البند 147).
* الأبحاث حول هضبة الجولان
* في يوم 2 أكتوبر أظهرت الصور الجوية تعزيزات مقلقة للقوات [السورية] في جبهة هضبة الجولان وتقدم القوات نحو الجبهة (أنظر الى البند 55 لاحقا). في اليوم نفسه، عقد لقاء بين وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش حول الوضع في هضبة الجولان. اقتباس من أقوال رئيس الأركان في هذا اللقاء، كما سجله رئيس مكتب وزير الدفاع، نعرضه لاحقا (في البند 199 د).
في نهاية اللقاء طلب الوزير من رئيس الأركان «ورقة تتضمن ماهية استعداداتهم [في الجيوش العربية]... واستعداداتنا مع تفاصيل بالتعزيزات». وقد أعدت هذه الورقة لوزير الدفاع في 3 أكتوبر (وثيقة البينات رقم 274). وشملت تفاصيل عن الزيادة الكبيرة في عدد الدبابات والمدافع السورية في القطاع المتقدم وفي الجبهة الخلفية السورية وزيادة عدد بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات في الجبهة من 1 يناير [كانون الثاني] 1973 وحتى 1 أكتوبر [تشرين الأول] 1973. ويختتم رئيس أركان الجيش تقديراته حول شبكة الطوارئ السورية في تلك الورقة بهذه الكلمات:
«حسب تقديراتنا، فإن شبكة الطوارئ أقيمت بالأساس بسبب التخوفات المتراكمة من اسرائيل. ونحن نرى ان سورية لا تقدر بأنها قادرة على المخاطرة بحرب شاملة مع اسرائيل، على الأقل من دون خوضها بشكل مشترك مع مصر. والاحتمال الآخر، وهذا تقدير منخفض الامكانية، فإن شبكة الطوارئ [السورية] أقيمت بغرض القيام بعملية ثأرية لسورية ردا على اسقاط 13 طائرة والاستعداد لأقصى امكانية للدفاع عن النفس في وجه رد منا».
وفي يوم 2 أكتوبر نفسه اقترح وزير الدفاع لقاء تشاوريا لدى رئيسة الحكومة حول الوضع في هضبة الجولان، الذي لم يشعر بالارتياح ازاءه، على ما يبدو. وفي شهادته (صفحة 4232/3)، أورد أقواله للوزير يسرائيل غليلي، كما دونت في حينه:
«أنا لست مرتاحا من المشاكل في هضبة الجولان وأريد شركاء لي في المسؤولية حول هذا الموضوع، وسأحضر الى النقاش كلا من رئيس اركان الجيش ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية وقائد سلاح الجو. هناك أنباء مقلقة. فعلى الخط الأمامي توجد 650 دبابة وشبكة صواريخ تغطي مناطقنا.. توجد لديهم 550 بؤرة مدفعية.. وأنا قلق على السكان. حول الموضوع العسكري يجب أن نجلس مع غولدا [رئيسة الحكومة]».
* المشاورات لدى رئيسة الوزراء في يوم 3 أكتوبر
* لقد كانت رئيسة الوزراء [غولدا مئير] في زيارة خارج البلاد (شتراسبورغ وفيينا) من يوم 30 سبتمبر وحتى يوم 2 أكتوبر.
وفي يوم 3 أكتوبر عقد لديها الاجتماع التشاوري الذي بادر اليه وزير الدفاع وشارك فيه كل من الوزراء [يغئال] ألون [وكان نائبا لرئيسة الوزراء ووزيرا للتعليم] و[الوزير بلا وزارة يسرائيل] غليلي و[وزير الدفاع، موشيه] ديان، ورئيس الأركان [دافيد العزار]، وقائد سلاح الجو، الجنرال ب. بيلد والعميد أريه شيلو (الذي حل محل الجنرال ايلي زعيرا [رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية] الذي كان مريضا)، ومساعدوهم. وقد قدم لنا العميد ليئور، السكرتير العسكري لرئيسة الوزراء، بروتوكول [تلك الجلسة] (وثيقة البينات رقم 57)، الذي يشكل شهادة مهمة حول الأجواء وحول تقديرات المشاركين في هذه المشاورات، التي تمت قبل ثلاثة ايام من اندلاع الحرب. وسنعرض في ما يلي الأقوال كما هي، من دون تعليقات أو انتقادات منا.
افتتح المشاورات وزير الدفاع قائلا انه طلب هذا اللقاء «بسبب التغيرات في الجبهات، في سورية بالأساس وبمدى معين أيضا في مصر»، ويواصل [وزير الدفاع موشيه ديان] (الصفحة الأولى من البروتوكول):
«في مصر يوجد لنا عدو وتوجد لنا عقبة طبيعية متمثلة في [قناة] السويس اضافة الى الصحراء ولا توجد على تلك المنطقة بلدات. إذا اندلعت حرب فلتندلع. في سورية – يوجد لنا عدو ولا توجد عقبات.
على كل حال هو غير جدي وتوجد لنا بلدات. لهذا فإن الأمر مقلق بشكل خاص وبشكل دائم من الناحية الموضوعية في هذه الجبهة...».
ويطرح على البحث ثلاث نقاط:
«1. التقديرات وتعاظم السلاح في حوزتهم. بالأساس للسوريين ولكن أيضا المصريين. الأنباء التي وصلت حول استعدادهم أو رغبتهم في استئناف الحرب.
ما هي قواتنا هناك واستعداداتنا...» وبناء على ذلك: «ماذا نفعل أو ماذا بمقدورنا أن نفعل» واستعرض العميد شيلو أمام الحضور المعلومات المتوفرة بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية، وكما قال (صفحة 2): «معلومات مقلقة عن سورية وكذلك عن مصر» (لم يفصح عن مصادر تلك المعلومات)، ثم راح يصف استعدادات الجيش السوري («حالة الطوارئ») الذي تمترس في عمق «دفاعي كامل». ويشير الى «أمور استثنائية»: تقدم سربين لطائرات سوخوي الى مطارات متقدمة والدفع الى الأمام بوحدة جسر وتقدم مدافع قيادة الأركان نحو الجبهة وشبكة الصواريخ المضادة للطائرات جنوب دمشق، مؤكدا ان الأمر أكثر جدية مما مضى. ويقدم وزير الدفاع ملاحظة (صفحة 3) بأن «نشر الصواريخ المضادة للطائرات بهذه الكثافة حتى وهي في الأراضي السورية انما تغطي كل منطقة هضبة الجولان». ويواصل العميد شيلو شرحه فيقول «في مصر تتم تدريبات متعددة الأذرع تشمل أيضا قوات الأركان في الجيش وقياداتها. وقد بدأت في مطلع الشهر وستتواصل حتى السابع منه وفي اطارها تنفذ أنواعا عديدة من التمرينات وألغيت جميع الإجازات، لكنها ستستأنف في الثامن من الشهر» – كل هذا كان وفقا للمعلومات التضليلية التي بثها المصريون.
وفي صفحة 4 يعزز [العميد شيلو] أقواله:
«هناك أمور تدل على انها فعلا تدريبات. هناك معلومات وهناك أدلة على انها تدريبات.
نموذج واحد على ذلك: الآن هو شهر رمضان لديهم. فحصنا ما إذا كانت هناك تدريبات في الماضي في شهر رمضان. يتضح أن تدريبا كهذا أجري قبل سنتين. اضافة الى ذلك، فإن وزير الحربية [المصري] أصدر تعميما داخليا يسمح فيه للضباط الذين يرغبون في السفر الى مكة أن يفعلوا ذلك في الثلث الثالث من شهر رمضان...» (أنظر في هذا الشأن الى البند 68 لاحقا).
ويقول العميد شيلو عن موضوع التدريبات (صفحة 3):
«لا أدري ما هو الموضوع هذه المرة ولكنني أقدر بأنه احتلال سيناء... ويتضمن... ثلاث مراحل: 1. الاستعدادات، التي ما زالوا عاكفين عليها. ففي هذه المرحلة توجد عملية تحريك للقوات. قوات في العمق يتم دفعها الى الأمام. وهم يزودون السلاح للألوية الأرضية... ففي مرحلة الاستعدادات يتم التصرف كما لو انه حقيقة ولا يقولون فقط بالهاتف... صفحة (4). صحيح انهم دفعوا الى الأمام بقسم من القوات المرابطة من حول القاهرة... والمرحلة الثانية: تدريب تكتيكي يعرضون فيه المشكلة وكيف يتم حلها. وهناك وحدة أو اثنتان تنفذ التدريب مع قوات حقيقية».
ملاحظة: في قضية ماهية «التدريبات» أقرأ لاحقا البنود 71 – 74:
ويختتم العميد شيلو أقواله بعرض موقف شعبة الاستخبارات العسكرية (نهاية الصفحة الرابعة من البروتوكول وانظر البند 49 (ز) أيضا): «توجد هنا ظاهرتان: 1. حالة طوارئ في سورية. 2. تدريب في مصر. أنا أعتقد ان علينا أن نختار تقديراتنا على أساس السؤال ما إذا كانت هناك أسباب مستقلة لكل طرف تجعله يتصرف أو ان هناك شيئا ما مشتركا بينهما وما هو هذا الشيء.
إذا كان ما هو مشترك فإن هذا هو أسوأ الاحتمالات – حرب شاملة في سورية بواسطة شبكة الطوارئ، التي هي في أساسها دفاعية ولكنها قادرة على التحول الى هجوم، ولا توجد هنا ضرورة لبناء أي شيء جديد [لمواجهتها اسرائيليا].
بالنسبة لاحتمال الحرب تحت غطاء التدريبات، حسب التقديرات، هل هو معقول؟ حسب (صفحة 5) معلوماتي ورأيي، واعتمادا على الشعور المبني من مراجعة مواد كثيرة في حوزتنا من الأيام الأخيرة، مصر تقدر بأنها لا تستطيع حتى الآن التوجه للحرب. أنا أعتقد ان احتمالات خطوة كهذه، بغض النظر عن الاعتبارات السياسية وغيرها التي قد تؤدي الى النجاح، فإنها كانت لتتوجه لو انها تعتقد ذلك. ولكنها تقدر بأنها غير قادرة حتى الآن على التوجه الى الحرب. [هذه اللعثمة في الصياغة هي من الأصل]. هذا نقوله بسبب قدرتنا على المعرفة والإحساس بالأمور التي يفكرون فيها. بناء عليه، فإن امكانية الحرب المشتركة المصرية السورية لا تبدو لي معقولة، حيث انه لم يحصل تغيير في تقديراتهم لوضع القوات في سيناء بأنه يجعلهم قادرين على القتال. في مصر، أنطلق من التقدير بأن الأمر بالأساس هو تدريب. في العاشر من الشهر سيسرحون قوات الاحتياط. وزير الدفاع طرح بحق فكرة ضرورة البحث في الوضع مع سورية بالأساس».
الوزير [يغئال] ألون سأل حول شكل الأوامر الصادرة في مصر، والعميد شيلو يرد: «لا يوجد الكثير من الاستثناءات في شكل الأوامر بتحريك القوات في مصر». أحد «الاستثناءات» التي يذكرها هو ارسال رجالات الجيش الى مطار أبو سوار قرب القناة المخصص لطائرات ميغ 17 في القوات التنفيذية. وتسأل رئيسة الوزراء: «لو أن السوريين باشروا، هل المصريون يستطيعون بما لديهم الآن، الاستعداد لهجوم ما بغية مساعدة سورية؟». ويرد العميد شيلو: «من الناحية التنفيذية يستطيعون بهذه الاستعدادات أن يتوجهوا الى هجوم بالتأكيد».
هنا تأتي الآراء المتباينة حول امكانية أن يبادرالسوريون الى المباشرة بهجوم علينا لتربيطنا ومن ثم يبدأ المصريون المرحلة الثانية. فتسأل رئيسة الوزراء: «ألا يمكن أن يحدث الأمر بشكل عكسي فيشغلنا المصريون بعض الشيء في حين يحاول السوريون عمل شيء في الجولان؟».
ويرد العميد شيلو (صفحة 6)، بأن [الرئيس السوري حافظ] الأسد يعرف ما هي حدوده، لأنهم «يدركون التفوق الاستراتيجي الاسرائيلي العالي في المنطقة.. وبسلاح الجو»، خصوصا بعد اسقاط الـ 13 طائرة، وبأن لدى المصريين تقديرات تشير الى ان اسرائيل قادرة على تكبيد مصر خسائر في الجو. ومرة أخرى:
«ولو انه (الأسد) يشعر بأن وضع الدفاعات الجوية [السورية] هو أفضل اليوم.. إلا ان لديه بعيدا في عمق تفكيره الادراك بالتفوق الاسرائيلي..» وعلى الرغم من ذلك، فإن «هناك شيئا محدودا في سورية» – «لا أستطيع أن أدرس امكانية توجيه ضربة مسبقة على أساس التقدير بـ [أنهم يتجهون الى اعلان] الحرب». فهذا احتمال يجب أخذه بالاعتبار ولكنه احتمال ضعيف، لأن السوريين يعرفون أن اسرائيل لن ترد فقط بعمليات محدودة.
ويعبر رئيس أركان الجيش عن رأيه في ما يلي، كما جاء في الصفحات 8 – 11، ونحن نقتبس من أقواله في البند 199 (ه). لقد ذكرنا هناك (البند 211) توصيته بـ«الابقاء على الوضعية الحالية مع بعض التعزيزات». وفي رد على سؤال لرئيسة الوزراء (الصفحة 9 في البروتوكول)، «وإذا توجهنا بطريقة أخرى مختلفة عما تقترحه؟»، يقول [رئيس الأركان]: «إذا قررنا تعزيز القوات أكثر فإن ذلك سيضعف الجنوب أو يضطرنا الى إحداث تغييرات أكثر حدة في تجنيد الاحتياط لفترات طويلة»ـ ـ. وهنا يتطور نقاش، بعد سؤال وجهته رئيسة الوزراء حول امتلاك صواريخ «sa 6» الهجومية.
وفي صفحة 10 يعود رئيس الأركان ليكرر تقديراته ويفصل في استعراض الامكانيات لضرب سورية من الجو. ويقول حول تنفيذ هجوم جوي في هضبة الجولان (نهاية صفحة 10): «نحن نستطيع المخاطرة من الآن ونعمل في هضبة الجولان، لأنني أريد هنا أن أوضح أننا عندما نقول ان لديهم شبكة دفاع جوي بالصواريخ فإن ذلك لا يعني أنهم أغلقوا السماء بشكل مطبق. نحن سنطير ونهاجم ونجهض هجوما [من طرفهم].
ربما نخسر طائرتين أو ثلاثا. لكن الأمر يزيد احتمالات زيادة الخسائر». ويعبر وزير الدفاع عن شكوكه (صفحة 12) بالنسبة لنوايا السوريين: فقد أعطوا دفاعا مكثفا جدا بنقل الصواريخ المضادة للطائرات الى خط الدفاع الأمامي، مع انه معروف لهم أننا لسنا معنيين بمهاجمتهم على الأرض في هضبة الجولان. «هذا ليس بالأمر الدفاعي العادي». وبالنسبة لمصر، فإذا كانوا يفكرون بعبور القناة [السويس] تحت مظلة صواريخهم فإنهم سيجدون أنفسهم في وضع غير مريح أبدا. «سيدفعون ثمنا باهظا. فإذا تمكنوا من عبور القنال سيصلون الى طريق لا ينتهي وعندها سنأتيهم من كل الاتجاهات».
أما سورية فإنها تستطيع أن تحتل هضبة الجولان تحت غطاء صواريخها ومدفعيتها وعندئذ «سيكون لها خط دفاعي مسنود بحاجز طبيعي جيد جدا نسبيا هو نهر الأردن مع كل منحدراته وتعرجاته. وستكون قد حلت مسألتها القومية بتحريرها الجولان من قبضتنا». ويسأل الوزير [يغئال] ألون (صفحة 13): «ما هو تركيز قواتنا في الشمال من ناحية البعد والشمولية؟» ويرد رئيس الأركان انه في غضون 24 ساعة يكون من الممكن زيادة 113 دبابة على الدبابات الخمسين الموجودة في الجبهة الشمالية، واضافة 33 دبابة أخرى بتشكيل الطواقم من مدرسة المدرعات والوصول خلال ساعات الى حوالي 170 دبابة. والبقية تتعلق بمسألة تجنيد جيش الاحتياط.
وتعود رئيسة الوزراء الى موضوع الامتلاك [الصواريخ المضادة للطائرات] وتلاحظ قائلة (صفحة 14)، بأن «المعلومات تتحدث عن شهر أكتوبر، وهذا يعني ان شيئا ما سيحصل في هذا الشهر بالذات..».
ويقول الوزير ألون (صفحة 14): «.. ربما هناك حاجة، إن لم يكن اليوم ففي يوم الأحد، أن يقدم وزير الدفاع ورئيس الأركان تقارير للحكومة حول استعدادات العدو، ليكون ذلك اعدادا، على الأقل وقبل كل شيء، اعدادا معلوماتيا. فمن حق الحكومة أن تعرف هذا..». وفي صفحة 14 تقول رئيسة الوزراء: «.. أنا أقبل هذه الفرضية مائة بالمائة، بأن هناك فرقا بين سورية ومصر. فعلى ما أعتقد لا يوجد نقاش البتة حول هذه النقطة. المصريون يستطيعون عبور القنال ولكنهم سيكونون عندئذ بعيدين عن قواعدهم أكثر. فماذا يعطيهم هذا في نهاية المطاف؟ لكن بالمقابل فإن الوضع في سورية مختلف. فحتى لو أرادوا كل الجولان، فإن كل ما سينجحون في أخذه حتى لو بعض البلدات أو أي شيء ما بعد الحدود يستطيعون الاحتفاظ به سيكون مكسبا في ايديهم».
الوزير ألون: «العنصر المصري مهم ليس بحد ذاته، انما لكونه عنصر دعم للسوريين. فمن المحتمل أن يحاولوا العبور لكي يكبلوا القوات [الاسرائيلية] ويخففوا عن السوريين في الشمال».
ويسأل (صفحة 15): «هل توجد امكانية لأن نحذر السوريين بواسطة طرف ثالث بأن يخففوا من تعزيزاتهم، حيث أن التحذيرات العلنية تفهم فقط بشكل تحد؟» وأعطي له الجواب بأن ذلك ممكن (الصفحة 16). وقالت رئيسة الحكومة (صفحة 16): «أنا أقترح أن تعقد جلسة للحكومة في يوم الأحد (وهو اليوم التالي ليوم الغفران)... ففي يوم الأحد نطرح هذه القضايا أمام الحكومة وليتنا لن نحتاج الى ذلك. ولكن، إذا احتجنا فسيكون قرارا جديدا».
(القرار المشار اليه هنا يتعلق بمصادقة الحكومة على مهاجمة أهداف داخل سورية).
ويقترح الوزير [يسرائيل] غليلي (صفحة 17) أن يتم استيضاح ما يمكن عمله للدفاع عن المستوطنات في هضبة الجولان أيضا قبل جلسة الحكومة المذكورة، لأن هذه – حسب رأيه – ستكون أيضا نقطة الانطلاق في توجه الحكومة لأي موضوع.
19. لتلخيص ما تم تداوله في هذه الجلسة التشاورية ينبغي القول ان القلق تركز بالأساس على امكانية الهجوم السوري في الجولان. صحيح ان الحاضرين ذكروا امكانية تنسيق هجوم بين سورية ومصر، إلا أن ايا منهم لم يخالف رأي شعبة الاستخبارات العسكرية، الذي عرضه العميد شيلو، بأن المصريين لا ينوون الهجوم لأنهم لا يرون في أنفسهم القدرة على الخروج الى حرب ضد اسرائيل. ويتضح بأن الأمر لم يبد للحاضرين ملحا لدرجة طرحه في جلسة الحكومة التي عقدت في اليوم التالي [لذلك اللقاء التشاوري] والتي أعطت فيها رئيسة الوزراء تقريرا عن زيارتها خارج البلاد.
وفي اليوم نفسه، 3 أكتوبر [تشرين الأول]، أمرت قيادة الأركان/ عمليات بتنفيذ مهمات تعزيز (زرع ألغام، تحسين قناة الصواريخ المضادة للطائرات وغيرها) في هضبة الجولان (وثيقة البينات رقم 176، أخضر، الملحق رقم 13).
20. في يوم 4 أكتوبر جرى بحث في مكتب وزير الدفاع باشتراك رئيس أركان الجيش ونائب رئيس الأركان وقائد اللواء الشمالي والعميد شيلو. موضوع البحث الذي ما زال يقلق وزير الدفاع هو خطر هجوم سوري على المستوطنات في هضبة الجولان. حسب صياغته (صفحة 5 في البروتوكول، وثيقة البينات رقم 260): «لدي جرح لا يندمل، ليس الهضبة بل المستوطنات هناك. ففي المنطقة التي لا توجد فيها مستوطنات لا يهمني أن يهاجموا أو لا يهاجموا».
ثم في صفحة 6: «في السويس توجد قناة وصحراء ولا توجد مستوطنات... لكن هنا (في هضبة الجولان)، توجد مستوطنات. يوجد عدو ولا توجد قناة ولا إنذار».
لذلك فإن الوزير يصر على تعزيز الحدود في هضبة الجولان وانتقل البحث الى أساليب الدفاع في وجه الطائرات. ولكن وفي جلسة هيئة رئاسة الأركان في اليوم نفسه لا يوجد بحث حول الوضع على الحدود (أنظر البند 202).
21. في اليوم نفسه اطلقت طائرة تصوير في جبهة القناة [قنال السويس] (أنظر تفاصيل ذلك في البند 86).
من مساء يوم الرابع من أكتوبر وخلال الليل بدأت تصل الينا معلومات عن مغادرة عائلات الخبراء الروس من سورية ومن مصر. هذه الأنباء زعزعت مصداقية شعبة الاستخبارات العسكرية / دائرة البحوث، التي ادعت بأن ما يحصل في سورية هو تجهيزات دفاعية وفي مصر تدريبات (تفاصيل عن المعلومات وعن تقديرات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس اركان الجيش، إقرأ في البندين 75 و76).
في الساعات الباكرة من فجر 5 أكتوبر، تلقى رئيس الموساد [جهاز المخابرات الاسرائيلية الخارجية]، خبرا طارئا عن وصول معلومة تحذيرية مهمة (إقرأ التفاصيل في البند 38 لاحقا).
"إسرائيل" تدرب جنودها على عبور قناة السويس
لواء الشريعة - وكالات
أضيف في :20 - 7 - 2008
ذكرت تقارير صحفية مصرية نشرتها جريدة الفجر أن إحدى كتائب الاحتياط التابعة لسلاح المهندسين الصهيوني بدأت في إعادة بناء "الكوبري" الحديدي الذي استخدمه ارئيل شارون أثناء حرب السادس من أكتوبر 1973 في عملية الهجوم المعاكس التي يطلق عليها "ثغرة الدفرسوار".
وقام سلاح المهندسين بتطوير "الكبري" عن طريق تخفيف وزنه لنقل قوات المشاة والمدرعات وناقلات المساعدات اللوجستية، وفي احتلال مناطق كبيرة، وذلك في حالة أية مواجهة عسكرية قادمة مع مصر.
وكان "الكوبري" "الإسرائيلي" وقتها أحد أهم أسباب زيادة حجم الخسائر العسكرية الصهيونية في هذه عملية "الدفرسوار" بسبب وزنه الذي وصل إلي 700 طن، ما شكل عائقًا أمام جيش الاحتلال وقتها في سرعة تنفيذ الهجوم المعاكس.
وعلى الرغم من أن السيناريوهات التي وضعها الجيش "الإسرائيلي" لاستخدام "الكوبري" تجاهلت ذكر مصر تمامًا، واكتفت بالحديث عن استخدامه في عبور نهر الأردن أو البحر الميت أو بحيرة طبرية في حالة المواجهة العسكرية مع سوريا.
ونظرًا لأن شبح الحرب مع مصر لم يختف بعد، بدأ سلاح الهندسة "الإسرائيلي" التخطيط والاستعداد لإمكان عبور القناة، والأكثر من ذلك أن الجيش "الإسرائيلي" قد استند في نظرية الحرب إلى أن عبور القناة سيكون خطوة حاسمة تحبط أي هجوم يقوم به الجيش المصري.