د. يحي ألشاعر- Admin
- المساهمات : 607
نقاط : 1365
ألمرتبة : 0
تاريخ التسجيل : 21/09/2018
العمر : 86
الموقع : http://yahia-al-shaer.square7.ch
من طرف د. يحي ألشاعر الإثنين 08 أكتوبر 2018, 4:16 pm
اتفاقية السلام المصرى الإسرائيلى عام 1979
Egyptian-Israeli Peace Treaty – 1979
شر البلية مايضحك
بقلم
مهندس عاطف هلال
اقتباس:
فى أحد أيام شهر نوفمبر من عام 1977 استيقظ الشعب المصرى كعادته على خبر فاجأه ولم يكن حتى يتوقعه ، حين أعلن السادات قراره بالذهاب إلى إسرائيل ، وذهب السادات فى مبادرة سماها البعض بالمبادرة التاريخية Historical Sadat Initiative ، ثم توجه بعد أن هبط مع بعض المنافقين فى مطار بن جوريون بصحبة مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل إلى تل أبيب ، وألقى هناك خطابا فى الكنيست الإسرائيلى طالبا فيه السلام من أعداء السلام ، وشاهدنا ونحن نتابع خطابه على شاشات التليفزيزن خريطة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات تطل فى وقاحة وغطرسة من وراء ظهره علينا . ويعلم الجميع أن السادات قد ذهب إلى هناك بقرار شخصى دون تفويض من الشعب المصرى ، وأنه قد مهد لهذه الزيارة فى سرية تامة ، واستخدم أثناء ذلك شخصيات منافقة وذات طبيعة غامضة ، مثل حسن التهامى عضو مجلس قيادة الثورة حين كلفه بالذهاب إلى المغرب ومقابلة موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى أثناء زيارته لملك المغرب ، وكان هدف المقابلة هو جس النبض ، ومثل عمر الشريف النجم المصرى اليهودى العالمى حين كلفه السادات بالإتصال بمناحم بيجين من السفارة الإسرائيلية بفرنسا ، وتوجه عمر الشريف إلى السفير الإسرائيلى بباريس واتصل من مكتبه بمناحم بيجين ، ثم اتصل بعد ذلك من مكتب السفير لإبلاغ السادات بقبول مناحم بيجين للزيارة ، ويقول عمر الشريف أن السادات فرح وأعرب عن سعادته بقبول بيجين للزيارة (المصدر : مجلة الإذاعة والتليفزيون / العدد 3719 يونيو 2006)
وكان الشعب المصرى فى هذا الوقت يعانى من أزمات إقتصادية طاحنة .. فوعد السادات شعب مصر بالرخاء مقابل السلام على سبيل التلاعب فى تسميات الأشياء ، وعلى سبيل تخدير الشعب وتغييبه . .. وحتى الآن وبعد ربع قرن من الزمان لم يعثر هذا الشعب البائس على أثر لهذا الرخاء الموعود ، بل تفاقمت وتوالت الأزمات تلو الأزمات ، وانتشر الفقر والمرض بين الناس ، واستفحل غول البطالة بين الشباب ، وانهارت القيم ، وسقطت منظومة التربية والتعليم فى مصر بكافة مراحلها .. ، كما أعطى السادات بذلك فرصة العمر للكيان الإسرائيلى الصهيونى لكى يعزل مصر عن العرب ويعزل العرب عن مصر . فخسرت مصر وخسر العرب ، وضاعت بلاد كانت تسمى بلاد العرب .
وأدت مبادرة السادات بعد ذلك إلى إجتماع مع مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل فى كامب دافيد بالولايات المتحدة الأمريكية تحت رعاية جيمى كارتر الرئيس الأمريكى ، وكان السادات قد استسلم تماما لفكرة أن 99% من أوراق الحل هى فى يد البيت الأبيض الأمريكى ، وكان يكرر ذلك كثيرا على مسامع الشعب فى خطبه .. ولم يقل لنا السادات ماذا عن الـ 1% الباقية من أوراق الحل .. !! . وسار على نهجه خليفته من بعده حين قال بعد انهيار الإتحاد السوفييتى : أنه لم يعد هناك أمامنا حائطا نستند عليه غير الحائط الأمريكى .. !! ، ولم يقل الأخير كيف نستند عليه . هل نستند عليه ونحن مرفوعى الأيدى وظهورنا عارية للخلف لكل من هب ودب ، ولم نعرف كيف نستند عليه ونحافظ على كرامتنا فى نفس الوقت ؟
وبعد ستة عشر شهرا من مبادرة السادات التاريخية وإلقائه خطابه التاريخى فى الكنيست الإسرائيلى طالبا السلام من أعداء السلام ، وتحديدا فى 26 مارس 1979 وقّع السادات معاهدة السلام مع مناحم بيجين ، ووقع معهم جيمى كارتر نيابة عن الولايات المتحدة باعتبارها الراعية لهذا السلام .. !!
ونصت المادة الأولى بالمعاهدة (بند 1) - المرجع : (اتفاقية السلام) -على انتهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل بمجرد التوقيع على الإتفاقية ، كما نصت فى المادة الثالثة (بند 3) على تأسيس علاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية طبيعية ، وهو ماتم تسميته بالتطبيع ، وأفردت الإتفاقية لهذا التطبيع ملحقا كاملا مرفقا بها هو الملحق رقم 3 . كما نصت الإتفاقية على حق إسرائيل الكامل فى المرور الحر بقناة السويس وخليج السويس ، واعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ممرات مائية دولية متاحة لكافة الدول دون أى إعاقة .
ولاأنوى هنا عرض كافة مواد وبنود الإتفاقية ، أو مواد وبنود الملاحق والبروتوكولات المرفقة بها التى هى جزء لايتجزأ منها ... فهناك بنودا مازالت خافية عنا قد تتكشف لنا مع الزمن وتغير الأحداث ، كما أن هدف الموضوع المطروح محدد بمعرفة كيف وافق السادات على اعتبار سيناء منزوعة السلاح بموجب نص المادة الثانية من الملحق رقم 1 بالإتفاقية تحت عنوان "تحديد الخطوط النهائية لمناطق نزع السلاح بسيناء" Determination of final Lines and zones كما يلى :
المنطقة A :
الحد الشرقى للمنطقة هو الخط الأحمر ، والحد الغربى لها هو قناة السويس والشاطئ الشرقى لخليج السويس كما هو موضح بالخريطة المرفقة .
يتواجد فى تلك المنطقة فرقة مشاة ميكانيكى بتجهيزاتها وتحصيناتها وتتكون من ثلاث لواءات مشاة ميكانيكى ولواء مدرعات ، وسبعة كتائب مدفعية ميدان بعدد إجمالى 126 قطعة مدفعية ، وسبعة كتائب مدفعية مضادة للطيران تشمل صواريخ أفراد أرض جو وبنادق 37 مم . كما يتواجد بالمنطقة دبابات بحد أقصى 230 دبابة ، وعربات أفراد مدرعة بحد أقصى 480 عربة .. ولايزيد عدد الأفراد بالمنطقة عن 22 ألف شخص .
المنطقة B
الحد الشرقى للمنطقة هو الخط الأخضر والغربى هو الخط الأحمر كما هو موضح بالخريطة المرفقة .
يتواجد بالمنطقة 4 كتائب حدود مسلحين بأسلحة خفيفة وعربات على عجل لمساعدة الشرطة على حفظ النظام بالمنطقة ، ولايزيد عدد أفراد تلك الكتائب عن أربعة آلاف شخص . كما يُسمح بإنشاء نقط إنذار على حدود المنطقة .
المنطقة C
الحد الغربى للمنطقة هو الخط الأخضر ، وحدها الشرقى هو الحدود الدولية مع إسرائيل وخليج العقبة كما هو موضح بالخريطة المرفقة .
يتواجد بتلك المنطقة قوات الأمم المتحدة وأفراد الشرطة المدنية المصرية ، ويقوم أفراد الشرطة بمهام الشرطة العادية فى تلك المنطقة بتسليح شخصى خفيف ، وتنتشر قوات الأمم المتحدة بالمنطقة وعلى طول الخط الأحمر والأخضر بسيناء ، وتقوم بمهامها كما هو موضح بالمادة السادسة من هذا الملحق . وتشغل مركزين للإدارة والسيطرة فى مكانين بالمنطقة C على طول الحدود أحدهما بشرم الشيخ وثانيهما بالجورا El Gorah التى تقع بالقرب من ساحل البحر المتوسط ملاصقة للحدود الدولية المصرية مع إسرائيل، وتلتزم مصر بكافة خدمات التموين والمرافق لتلك المراكز .
المنطقة D
الحد الشرقى لتلك المنطقة هو الخط الأزرق ، والحد الغربى هو الحدود الدولية (أى تقع تلك المنطقة بالأرض الإسرائيلية) كما هو موضح بالخريطة المرفقة .
يتواجد فى هذه المنطقة قوات إسرائيلية محدودة بأربعة كتائب مشاة بعدد يصل إلى 4000 فرد بتجهيزاتهم وتحصيناتهم مزودين بعدد 180 عربة مدرعة ، ولايتواجد بتلك المنطقة سوى مراقبين من الأمم المتحدة (أى لاتوجد قوات دولية بالجانب الإسرائيلى كما هو الحال بالجانب المصرى) . كما لا يتواجد مع القوات الإسرائيلية بالمنطقة دبابات أومدفعية ميدان ، أومدفعية مضادة للطيران ، وتم استثناء الصواريخ المحمولة المضادة للطيران .. (يلاحظ أن هذه المنطقة عبارة عن شريط ضيق جدا لايزيد عرضه عن 4 كم بطول الحدود الدولية البرية بما يمكن القول أن الإتفاقية لم تُلزم إسرائيل بأى تحديد أو نزع للسلاح فى مواجهة مصر على طول الحدود الدولية معها ) .
وصحيح أن الإتفاقية وملحقاتها ، قد نصت على أن القوات الدولية حين تمارس مهامها فى التفتيش والتحقق من التزام الجانب المصرى بكل مناطق سيناء ، عليها أن تصاحب فى مأمورياتها التفتيشية ضابط اتصال مصرى .. ولكن القوات الدولية يمكن لها الإستغناء عن تلك المهام حيث أن لها نقطا ثابتة للمراقبة والإنذار منتشرة بكل أنحاء سيناء طبقا لنصوص المعاهدة وملاحقها . هذا بالإضافة إلى أن تلك القوات لها معسكرين أحدهما شمال شرق سيناء يحتل مساحة قدرها 2.7 كم2 بمنطقة الجورا El Gorah ، ويبعد حوالى 20 كم جنوب ساحل البحر الأبيض وملاصق للحدود المصرية مع إسرائيل ، وتتواجد بهذا المعسكر مركز قيادة القوات الدولية بقيادة أمريكية ، كما يتواجد به عدد 3 كتائب مشاة كاملة التسليح يعاونها تشكيلات ملحقة من مدفعية ومدرعات وطيران ودفاع جوى ، وتتكون نصف تلك القوات من جنود وضباط تابعين للجيش الأمريكى ، والنصف الآخر من قوات دولية حليفة تحت مظلة الأمم المتحدة من أستراليا وفرنسا وإيطاليا والنرويج وكندا وكولومبيا وفيجى والمجر ونيوزيلاندا وأوروجواى ... كما أن فرنسا تدعم القوات دعما إضافيا بقوة جوية قتالية لأغراض الإستطلاع ، وإيطاليا تدعم القوات بقوة بحرية لمراقبة السواحل المصرية ولأغراض الإنذار السريع . وبالإضافة لماسبق ، تدعم الولايات المتحدة تلك القوات بقوات قيادة أمريكية Task Force HQ وبكتيبة للإمداد السريع مدعومة بالطيران SPTBATT وبكتيبة مشاة أمريكية كاملة التسليح USBATT . أما ثانى المعسكرات هو المعسكر الجنوبى بالقرب من شرم الشيخ ، ورغم أنه هو الأصغر ، إلا أنه الأخطر لأنه يطل مباشرة على خليج العقبة والبحر الأحمر .. ويمكن عن طريقه إدخال أى شيئ من أسلحة وأفراد دون أن يعلم بها الجانب المصرى ثم تسريبها بعد ذلك داخل الأراضى المصرية وخاصة فى المنطقة ج C التى يقع داخلها طابا ودهب وشرم الشيخ ، ويضم هذا المعسكر طبقا للإتفاقية وحدة عسكرية ميدانية عبارة عن كتيبة مسلحة بكافة أسلحة الميدان الثقيلة والأسلحة المعاونة ..
ونستخلص مما سبق أننا قد استبدلنا احتلالا إسرائيليا باحتلال أمريكى تحت إسم القوات الدولية ، يمكن أن نسميها بقوات تحالف دولية تحت قيادة أمريكية ، أى أنه مع الفارق هو إحتلال شبيه بالإحتلال الحالى للعراق .. ويمكننا بعد ذلك أن نتساءل عن حكمة الإحتفال السنوى فى 25 إبريل من كل عام بعيد تحرير سيناء الذى تتعطل فيه الوزارات والهيئات الحكومية ابتهاجا به ، ثم نقارن بين هذا العيد وعيد الجلاء فى 18 يونيو من كل عام الذى لاتتعطل فيه الوزارات والهيئات الحكومية لأن البهجة بعيد تحرير سيناء قد غطّت فى نظر البعض على بهجة الجلاء لآخر جندى إنجليزى عام 1956 بعد مدة تزيد على سبعين عاما من الإحتلال .
وصدق من قال أن شر البلية مايضحك .. فمازالت بلادنا بعد التحرير المزعوم لسيناء ، وبعد جعلها منطقة منزوعة السلاح .. مازالت محلك سر بفضل تسلط أنصار السلام المزعوم مع أعداء السلام على الشعب المصرى البائس ، وبفضل أنصار التطبيع مع العدو الصهيونى ، حيث قام هؤلاء الأنصار بتبشيرنا بنهضة كبرى وبرخاء مابعده رخاء .. ومرت الأعوام واقتربت من نصف قرن من الزمان على انتهاء الحرب مع الصهاينة ، والتوقيع على معاهدة صلح مهينة فى كامب دافيد ، نتلقى بمقتضاها ثانى أكبر معونة تقدمها ماما أمريكا لشعوب العالم ، فتزداد أمورنا مع تلك المعونة ومع تسلط حكامنا تدهورا ، ويزداد السخط فى العديد من فئات المجتمع ، وخاصة تلك الفئات المطحونة التى تمثل الأغلبية المطلقة لشعب مصر ، ذلك لأن مافعله حكامنا بتلك الفئات كان أشد وأنكى من أى احتلال أجنبى .. وصدق السفير محمد بسيونى رئيس لجنة الأمن القومى بمجلس الشورى حين قال فى 12 يونيو من هذا العام (2006) فى مجلس الشورى أن الحكومة لاتمتلك الإرادة الوطنية ، وأبدى تخوفه من أن تكون هناك ضغوطا أمريكية صهيونية لعدم تنفيذ برامج التنمية بسيناء حتى تظل خالية من التجمعات البشرية والصناعية .. وتكملة لقوله أقول : حتى تظل أرض سيناء خالية تمرح فيها قوات التحالف مع القوات الأمريكية دون معوقات ، إلى أن يحين الوقت المناسب لعودة احتلال الصهاينة وسوف نبكى ساعتها لأننا شعب لانقرأ وإذا قرأنا لانفهم طبقا لما أطلقه علينا الصهاينة ..
شيئ آخر لابد أن نذكره للتاريخ وهو : أن السادات لم يكن ليجرؤ على الحديث فى مفاوضاته بكامب دافيد عن أم الرشراش تلك المدينة المصرية التى تقع على خليج العقبة بين العقبة وطابا ، والتى غيّر الصهاينة إسمها إلى "إيلات" بعد احتلالها عام 1949 .. وأم الرشراش منطقة مصرية وفقا للفرمان العثمانى الصادر عام 1906 م ، الذى استشهد به المفاوضون المصريون فى مفاوضات التحكيم التى أرجعت طابا داخل حدود مصر... وأم الرشراش التى تحولت إلى إيلات Elat هى بلا شك إحدى خسائر بل هى إحدى نكبات كامب دافيد الساداتية ، وباستيلاء الكيان الصهيونى عليها لم يعد البحر الأحمر وبصفة نهائية بحيرة عربية على المستوى الإستراتيجى ..
أما عن طابا تلك المنطقة الساحلية التى يبلغ مساحتها 900 متر مربع والتى تطل على خليج العقبة ، فقد ضغط الصهاينة على السادات لعدم ترسيمها داخل الحدود المصرية ، وبعد مفاوضات مارس فيها الصهاينة إذلالا مهينا للسادات وهو رئيس مصر ، سمح الصهاينة بتأجيل القرار بشأنها لحين عرض النزاع حولها فى وقت لاحق للتحكيم الدولى ... ثم قبل الطرفان المصرى والصهيونى بعد ذلك بنتائج التحكيم عام 1988 لصالح مصر وانسحاب إسرائيل منها بشروط .. حيث أُعطِي للإسرائيليين الحق في الدخول الحر إلى منطقة طابا دون الحصول علي تأشيرة دخول، وضمان حرية تحركهم بسياراتهم بأرقامها الإسرائيلية ، أي بدون أرقام جمركية مصرية، في جنوب سيناء بالمنطقة ج C بالكامل (أنظر الخريطة الموضحة قبل ) حتي شرم الشيخ وحق الإقامة بها لمدة 15 يوما بدون تأشيرة (مع إمكان العودة وتمديد الإقامة آليا وبدون تأشيرة) . أى أن طابا وكل المنطقة ج أصبحت منطقة مشتركة لنا وللصهاينة فى وقت واحد ، ولكن تحت إدارة مصرية ضعيفة من بعض عساكر الشرطة المصرية الذين يتعرضون للقتل بين حين وآخر.
هذا هو الواقع وعلينا أن نتفهمه جيدا ، وعلى حكامنا أن يعلنوا فى شجاعة ماخفى علينا من هذا الواقع ، لكى يكون هناك أمل فى تصحيحه ثم البناء الصحيح عليه .. !!